محاسن حفظ اللسان
حكوا أن المهلب بن أبي صفرة (وهو أمير البصرة وقائد الجيوش الإسلامية المنطلقة منها للفتوحات شرقاً) جمع أولاده وقال لهم:
- اتقوا زلة اللسان فإني وجدت الرجل تعثر قدمه فيقوم من عثرته، ويزل لسانه فيكون فيه هلاكه.
وشتم رجلٌ المهلب، فلم يجبه: فقيل له: "حلمت عنه". فقال:
- ما أعرف مساويه، وكرهت أن أبهته بما ليس فيه. (أي إنني لا أعرف عيوبه لأشتمه بها، ولا أسمح لنفسي أن أصفه بعيوبٍ قد يكون بريئاً منها).
وحكوا أنه كان يعيش في المدينة المنورة في زمن الخليفة العباسي "المتوكل" عالمٌ كبيرٌ جليل اسمه "الزبير". فاستدعاه المتوكل إلى بغداد ليقيم في قصره ويشرف على تعليم ابنه "المعتز".
قال الزبير: فأدخلت حجرةً في القصر فإذا أنا بالمعتز –وهو فتى- قد أتى وفي رجله نعلٌ من ذهب، وقد عثر، فسال الدم من قدمه، فجعل يغسل الدم ويقول:
يـصاب الفتى من عثرةٍ في لسانه
وليس يصاب المرء من عثرة الرجل
فـعثرته مـن فـيه تـرمي برأسه
وعـثرته بـالرجل تـبرا على مهل
قال الزبير: فقلت في نفسي: الحمد لله الذي ضمني إلى من أريد أن أتعلم منه.