كان للخليفة الأموي الزاهد عمر بن عبد العزيز أختٌ صالحة اسمها "أم البنين"، ورثت عن زوجها الخليفة "الوليد بن عبد الملك" أموالاً طائلة، فكانت تقول: "لو كان البخل قميصاً (أي ثوباً) ما لبسته، أو طريقاً ما سلكتها". وكانت تكثر من الإنفاق على المحتاجين في سبيل الله، وتقول: "البخل كل البخل من بخل على نفسه بالجنة".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
السخي قريبٌ من الله، قريبٌ من الناس، بعيدٌ من النار.. والبخيلٌ بعيدٌ من الله، بعيدٌ من الجنة، قريبٌ من النار.. ولجاهلٌ سخيٌ أحب إلى الله عز وجل من عابدٍ بخيل.. وأدوأ الداء البخل.
كان قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري رحمه الله رجلاً غنياً. وكانت عنده بستانٌ نضرةٌ مشهورة بكثرة نخيلها ووفرة تمورها وجودتها. وفي موسم القطاف قصده ثلاثة رجالٍ فقراء مؤملين أن يعطيهم بعض التمر قوتاً لعيالهم. وحين وصلوا البستان وجدوا قيساً يمشي منحنياً وهو يلتقط حبات التمر اليابسة التي كانت قد سقطت على الأرض، فيمسح عنها التراب ويجمعها في طرف ثوبه.
فهموا بأن يرجعوا عنه وقالوا: "ما نظن عنده خيراً". ثم كلموه فأعطاهم أضعاف ما كانوا يتوقعونه. فقال واحدٌ منهم: "لقد رأيناك تصنع شيئاً لا يشبه فعالك" (أي أن قيامك بجمع حبات التمر اليابسة الساقطة لا ينسجم مع كرمك وسخائك). فابتسم وقال: إن الذي رأيتم يؤول إلى اجتماع ما ينفع وينمو.